توقيع اتفاق سلام بين رواندا والكونغو الديمقراطية برعاية الولايات المتحدة

توقيع اتفاق سلام بين رواندا والكونغو الديمقراطية برعاية الولايات المتحدة
توقيع اتفاق سلام بين رواندا والكونغو

وقّعت كل من رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية اتفاق سلام تاريخيًا في العاصمة الأمريكية واشنطن، الجمعة، بهدف إنهاء النزاع الدموي الذي أودى بحياة آلاف الأشخاص في منطقة البحيرات الكبرى.

وجاء الاتفاق بعد تبادل للمتمردين بين الطرفين وتعهدات بوقف كل أشكال الدعم للجماعات المسلحة، برعاية دبلوماسية أمريكية وصفها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بـ"الخطوة الكبرى نحو السلام"، وأعلن في المقابل عن حصول بلاده على حقوق تعدين موسعة في الكونغو الديمقراطية.

وخلال حفل التوقيع في البيت الأبيض، قال ترامب لدى استقباله وزيري خارجية البلدين: "اليوم نطوي صفحة العنف والدمار، ونبدأ فصلاً جديدًا من الأمل والازدهار والوئام في منطقة مزّقتها الحروب لعقود".

وأكد أن الاتفاق سيمنح الولايات المتحدة حقوقًا مهمة في التعدين، خصوصًا في مجالات استخراج الليثيوم والكوبالت، وهما من المعادن الاستراتيجية الضرورية لتقنيات المستقبل، لا سيما في قطاع السيارات الكهربائية.

إنهاء الدعم للمتمردين

يرتكز الاتفاق الجديد، الذي جاء بعد تصعيد عسكري كبير في شرق الكونغو الديمقراطية على يد حركة "إم 23" المدعومة من رواندا، على المبادئ التي تم التفاهم بشأنها منذ أبريل الماضي، ويتضمن بنودًا رئيسية أبرزها، وقف الأعمال العدائية فورًا في شرق الكونغو الديمقراطية، واحترام سيادة الأراضي ووقف أي عمليات عسكرية أو دعم مباشر أو غير مباشر للجماعات المسلحة.

بالإضافة إلى تحييد "القوات الديمقراطية لتحرير رواندا"، وهي جماعة مسلحة من الهوتو أسسها ضالعون في الإبادة الجماعية التي وقعت في رواندا عام 1994، وإنهاء "التدابير الدفاعية الرواندية"، وهي التسمية التي أطلقتها كيغالي على وجودها العسكري غير الرسمي في الكونغو.

وقال وزير خارجية رواندا أوليفييه اندوهوجيريهي خلال التوقيع: "لا يمكننا القفز فوق الفشل المتكرر لاتفاقات سابقة، لكن إنهاء الدعم للمتمردين، بما فيه القوات الديمقراطية لتحرير رواندا، أولوية لا رجوع عنها".

الكونغو تطالب بضمانات

من جانبها، دعت وزيرة الخارجية الكونغولية تيريزا كاييكوامبا واغنر إلى الالتزام الجاد بتطبيق الاتفاق، مشيرة إلى أن بلادها تريد "تغييراً حقيقياً على الأرض، لا مجرد تعهدات على الورق".

وأضافت: "هذا الاتفاق يتيح لنا فرصة نادرة لطي صفحة الماضي المؤلم، ولكن الجراح لن تلتئم تمامًا دون احترام السيادة وتحقيق العدالة".

وينص الاتفاق كذلك على إنشاء هيئة مشتركة لمراقبة تنفيذ بنوده، والبدء في تأسيس إطار للتكامل الاقتصادي الإقليمي خلال ثلاثة أشهر، وهي خطوة تهدف إلى تعزيز الثقة الاقتصادية والأمنية في المنطقة.

انتقادات حقوقية وتحذيرات

رغم الإشادات الواسعة من أطراف دولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة وألمانيا وفرنسا، قوبل الاتفاق بموجة من الانتقادات من شخصيات حقوقية ومنظمات دولية.

وحذّر الطبيب الكونغولي دينيس موكويغي، الحائز جائزة نوبل للسلام لعام 2018، من أن الاتفاق قد يمثل "مكافأة للعدوان وإضفاء شرعية على نهب الموارد"، قائلاً: "لا يمكننا أن نقبل أن يتم التغاضي عن العدالة والكرامة من أجل سلام هش مؤقت، هذا الاتفاق قد يجبر الضحية على التخلي عن تراثه الوطني".

ومن جانبها، عبّرت منظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان" عن ترحيبها بجهود خفض التصعيد، لكنها أشارت إلى ثغرات كبيرة في الاتفاق، لا سيما في ما يتعلق بـ"غياب المساءلة عن الانتهاكات السابقة لحقوق الإنسان".

نزاع متعدد الأطراف

وتأتي هذه التطورات في ظل نزاع إقليمي ممتد منذ التسعينيات في منطقة شرق الكونغو الديمقراطية، حيث تتصارع أكثر من 120 جماعة مسلحة على النفوذ والسيطرة على ثروات البلاد، خاصة في إقليمي كيفو الشمالي والجنوبي الغنيين بالذهب والماس والكولتان والكوبالت.

واتهمت الكونغو مرارًا جارتها رواندا بدعم جماعة "إم23"، في حين ردت كيغالي بالقول إن وجود قوات الهوتو المناهضة لها في شرق الكونغو هو "التهديد الحقيقي".

وتسيطر حركة "إم23" منذ أوائل عام 2024 على مدينة غوما ومناطق شاسعة من إقليم شمال كيفو، ما تسبب في نزوح أكثر من مليون شخص، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية